السلام عليكم اخواني طلبة
كلية الأداب والعلوم الانسانية اليكم الدروس المتعلقة بمادة النحو للفصل الاول شعبة
الدراسات العربية
النحو
محتويات المقرر
المحور
الأول: أقسام الكلام
الحصة الأولى: تعريف الكلمة
وأحكامها
1- تعريف الكلمة
لغة واصطلاحا
2- بيان القسمة
الثلاثية للكلمة والإجماع على ذلك
3- تعليل التقسيم الثلاثي
4- أهمية التقسيم
وجدواه في الدرس اللغوي
الحصة الثانية: الاسم
وخصائصه
1- حد الاسم
ودلالته
2- علامات الاسم
3- أنواع الاسم
الحصة الثالثة: الفعل
وأحكامه
1- حد الفعل
2- علامات الفعل
3- أنواع الفعل
الحصة الرابعة: الحرف
وأحكامه
1- سبب تسمية هذا
القسم حروفا
2- تعريف الحرف في اصطلاح
النحاة
3- تقسيمات النحاة
لحروف المعاني
المحور
الثاني: الإعراب والبناء
الحصة الخامسة: نظرية
العامل، النشأة والمفهوم
1- نشأة نظرية
العامل
2- مفهوم العامل
3- نظرية العامل
عند النحاة وأركانها
الحصة السادسة: الإعراب
والبناء في اللغة والاصطلاح
الحصة السابعة: أنواع
الإعراب
الحصة الثامنة: البناء
والإعراب في الأسماء والأفعال
الحصة التاسعة: تطبيقات1
الحصة العاشرة: تطبيقات2
بعض
المصادر والمراجع الميسرة في القواعد والتطبيقات
-
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك
-
شرح "شذور الذهب في معرفة كلام العرب"، لابن هشام الأنصاري
-
شرح "قطر الندى وبلّ الصدى"، لابن هشام الأنصاري
-
جامع الدروس العربية، للشيخ مصطفى الغلاييني
-
المحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها، لمحمد الأنطاكي
-
في النحو العملي(موضوعات مختارة وتمارين بإجاباتها)، للأستاذ محمد أمنزوي
-
التطبيق النحوي، للدكتور عبده الراجحي
-
المورد النحوي(نماذج تطبيقية في الإعراب والصرف)، للدكتور فخر الدين قباوة
-
المورد الكبير(نماذج تطبيقية في الإعراب والأدوات والصرف)، للدكتور فخر
الدين قباوة
تعريف الكلمة وأحكامها
1. تعريف الكلمة لغة واصطلاحا
دلالتها لغة: جاء في مقاييس اللغة"
الكاف واللام والميم أصلانِ: أحدهما يدلُّ على نطقٍ مُفهِم، والآخَر على جراح.
فالأوّل الكَلام. تقول:كلّمته أُكلّمه تكليماً؛ وهو كَليمِي إذا كلّمك أو كلَّمتَه.
ثمَّ يتَّسِعون فيسمُّون اللفظةَ الواحدة المُفهِمَةَ كلمة، والقِصَّةَ كلمة،
والقصيدةَ بطولها كلمة. ويجمعون الكلمةَ كلماتٍ وكَلِماً. قال الله
تعالى{يُحرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه}ِ[1].والأصل الآخر الكَلْم، وهو
الجُرْح؛ والكِلام: الجراحات، وجمع الكَلْم كلومٌ أيضاً. ورجل كليمٌ وقومٌ
كَلْمَى، أي جرحى، فأمَّا الكُلام، فيقال: هي أرضٌ غليظةٌ."[2]
دلالتها
اصطلاحا: أما دلالة الكلمة اصطلاحا، فلم نظفر في حدود ما اطلعنا عليه على تعريف
للكلمة عند المتقدمين، وإنما ظهر عند الجرجاني في شرح الجمل ثم لدى الزمخشري، ومن
جاء بعدهما، أما النحاة الأوائل فاقتصروا على تقسيم الكلمة التقسيم الثلاثي
المشهور. وسيأتي قريبا الحديث عن ذلك. قال عبد القاهر " اعلم أن كل لفظة تدل
على معنى فهي كلمة. وتجمع الكلمة على الكلمات والكلم. "[3] وقال الزمخشري " الكلمة هي اللفظة الدالة على معنى مفرد
بالوضع. " [4]
[1]- النساء،
الآية 46
[2] -
مقاييس
اللغة، ج5 ص 131، مادة "كلم"
[3] - الجرجاني، شرح
الجمل ص 127
[4]
- الزمخشري،المفصل، ص 23
الاسم وخصائصه
1. حد الاسم ودلالته
حدّ الاسم ودلالته
لا
بأس من التذكير من أنه وقع خلاف مشهور بين البصريين والكوفيين في سبب تسمية الاسم،
فاختار البصريون أنه من السمو وهو الصحيح، واختار الكوفيون أنه من السمة.
"[1]
أما
مفهوم الاسم اصطلاحا فلم يظهر لدى سيبويه، وإنما اكتفى بالتمثيل له فقال"
فالاسم:رجل، وفرس، وحائط."[2]
قال
ابن يعيش " قد أكثر الناسُ في حدّ الاسم؛ فأمّا سيبويه فإنّه لم يحدّه بحدٍّ
ينفصِل به من غيره، بل ذَكَر منه مَثَلًا، اكتفى به عن الحدّ، فقال: "الاسمُ:
رجلٌ، وفرسٌ"، وكأنّه لمّا حدّ الفعلَ والحرفَ تميَّز عنده الاسمُ. "[3]
وبين البَطَلْيُوسِيّ [4] سبب عدم ورود حد الاسم لدى سيبويه فتأول ذلك في ثلاثة
أسباب:
- فكأنه جعل تعريته من حد الفعل وحد
الحرف حدا له " ورجح هذا الاحتمال "
- أو كأنه رأى ما في تحديده من
الإشكال الذي أوجب اضطراب كلام العلماء فيه .
- ولعل بسبب أن الاسم هو الأصل
والفعل والحرف فرعان عليه؛ لأن كل واحد منهما يحتــــــــــــــــــــــــاج إليه
والفروع تحتاج إلى البيان أكثر مما تحتاج
إليه الأصول. " [5]
وقال
السهيلي مجيبا " فإن قيل: ما بال سيبويه قد حدَّ الفعل والحرف ولم يحدَّ
الاسم حين قال:
والاسم زيد وعمرو"؟ فالجواب: أن
الاسم وقع في عبارة النحويين على ما هو في كلام العرب، فلم
يحتج إلى تبيينه بحد ولا رسم. وأما الفعل
والحرف فعبارتان مصطلح عليهما عند النحويين، لأن الفعل عند العرب هو الحدث، وعند
النحويين هو: اللفظ الدال على الحدث والزمان. والحرف عند النحويين: ما دل على معنى
في غيره. وليس يفهم من العرب من الحروف ذلك المعنى. وجميع ألفاظ النحويين ينقسم
إلى قسمين، منها ما تواضعوا واصطلحوا عليه. ولا يعبر العرب به إلا عن معنى آخر،
نحو: " الظرف "، و(الحرف) ، فهذا لا بد من تبيينه للمبتدئ بالحد والرسم.
ومنها ما هو على أصل موضوعه في كلام العرب نحو:" الاسم" و" الفاعل
" و " المفعول به". فهذا لا إشكال فيه على ناظر في صناعة النحو."
[6]
ثم
حاول النحاة بعد سيبويه حدّ الاسم بحدّ جامع مانع، فكثرت الحدود الموضوعة فيـه
يقول أبو البركات ابن الانباري " وقد ذكر فيه النحويون حدودا كثيرة تنيف على
سبعين حدا. "[7]
ولم
تسلم معظم هذه الحدود بعد سيبويه من النقد و التخطئة، قال ابن فارس في الصاحبي
" هَذِهِ مقالات القوم فِي حدّ الاسم يُعارضها مَا قَدْ ذكرته. وَمَا أعلم
شيئاً مما ذكرته سلم من معارضة. والله أعلم أيُّ ذَلِكَ أصحّ. " [8] ونورد
هنا تعريفا للبطليوسي - يراه الأصح - وهو من أكثر العلماء توسعا في إيراد حدود
العلماء مع مناقشتها ونقدها بالتفصيل،
فقال " أشبه الأقوال بأن يكون حدا أن يقال الاسم كلمة تدل على معنى في
نفسها مفرد غير مقترن بزمان محصل يمكن أن يفهم بنفسه ."[9]
[1] - ابن الأنباري،
الإنصاف في مسائل الخلاف، ج1 ص 27
[2]- الكتاب، ج1 ص 12
[3] - ابن يعيش، شرح
المفصل، ج1 ص 51
[4]- هو "عبد
الله بن مُحَمَّد بن السيِّد - بِكَسْر السِّين - أَبُو مُحَمَّد البَطَلْيُوسِيّ
(521ه)نزيل بلنسية، كَانَ عَالما باللغات والآداب، متبحرا فيهمَا.
انتصب
لإقراء عُلُوم النَّحْو، وَاجْتمعَ إِلَيْهِ النَّاس، وَله يَد فِي الْعُلُوم
الْقَدِيمَة " بغية الوعاة،ج2ص55
[5] - البطليوسي،
الحلل في إصلاح الخلل من كتاب جمل الزجاجي ص64
[6] - السهيلي،نتائج
الفكر، ص51
[7] - ابن الأنباري،
أسرار العربية، ص38
[8] -ابن فارس،
الصاحبي، في 49
[9]
- البطليوسي، الحلل في إصلاح الخلل، ص 64
الفعل وأحكامه
1. حد الفعل
حد الفعل
بين
ابن بابشاذ سبب تسمية هذا النوع من الكلمة "فعلا" فقال " وإنما لقب
هذا النوع فعلا لأنه لفظ توزن به جميع الأفعال، ويعبر عنها قال الله سبحانه
"لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (الأنبياء آية 23)" [1]
وقال ابن الأنباري " فإن قيل: لمَ سمي الفعل فعلا، قيل: لأنه
يدل على الفعل الحقيقي، ألا ترى أنك إذا قلت: ضرب، دل على نفس الضرب الذي هو الفعل
، فلما دل عليه سمي به؛ لأنهم يسمون الشيء بالشيء إذا كان منه بسبب وهو كثير في
كلامهم."[2]
ونقل
ابن فارس تحديدات العلماء للفعل وجاء عنه "قال الكِسَائِيُّ: (الفعل مَا
دَلَّ عَلَى زمان)
وقال سيبويهِ: (أما الفعل فأمثلةٌ أُخِذت
من لفظ أحْداثِ الأسماء وبُنيت لما مضى، وَمَا يكون وَلَمْ يقع، وَمَا هو كائن
لَمْ ينقطع) فيقال لسيبويه: ذكرتَ هَذَا فِي أوَّل كتابك وزعمتَ بعدُ أنّ
"لَيْسَ" و"عَسَى" و"نِعْمَ" و"بِئْسَ"
أفعال، ومعلومٌ أنها لَمْ تُؤْخذ من مصادر. فإن قلت: إني حَدَدْتُ أكثر الفعل
وتركت أقلَّه قيل لَكَ: إن الحد عند النُّظَّار مَا لَمْ يَزِد المحدود وَلَمْ
يَنْقُصْه مَا هو لَهُ. وقال قوم "الفعل مَا امتنع من التثنية والجمع".
والرَّدُّ عَلَى أصحاب هَذِهِ المقالة أن يقال: إن الحروف كلها ممتنعة من التثنية
والجمع وليست أفعالاً.
وقال قوم: "الفعل مَا حَسُنَتْ فِيهِ
التاء نحو قمتُ وذهبتُ"، وهذا عندنا غلط لأنا قَدْ نسميه فعلاً قبل دخول
التاء عَلَيْهِ. وقال قوم "الفعل مَا حَسُنَ فِيهِ أمْسِ وغداً" وهذا
عَلَى مذهب البصريين غيرُ مستقيم، لأنهم يقولون أنا قائم غداً، كما يقولون أنا
قائم أمسِ. والذي نذهب إِلَيْهِ مَا حكيناه عن الكِسَائِيّ من أن "الفعل مَا
دلّ عَلَى زمان كخرج ويخرج" دلَّنا بهما عَلَى ماضٍ ومستقبل"[3]
الحرف وأحكامه
1. سبب تسمية هذا القسم حروفا
حاول بعض العلماء بيان علة تسمية هذا
القسم من الكـلام حرفا، وهذا من فقههم حتى يحصل التصور والتمثل الجيد للمصطلح ومن
ثمة الفهم الدقيق، يقول الزجاجي : "وسمي القسم الثالث حرفا؛ لأنه حد ما بين
هذين القسمين ورباط لهما، الحرف حد الشيء،
فكأنه لوصله بين هذين كالحروف التي تلي ما هو متصل بها " [1]
وهنا نشير إلى ضرورة الربط بين الدلالتين اللغوية
والاصطلاحية وهو أمر مطلوب لحصول
التصور الأولي لفهم المصطلح الحادث، وهذا ما يؤكده ابن جني الذي عرض
معاني الحرف المعجمية بين يدي حديثه عن مفهومه الاصطلاحي يقول '' ومن هنا
سميت حروف المعجم حروفا وذلك أن الحرف حد منقطع الصوت وغايته وطرفه كحرف الجبل
ونحوه، ويجوز أن تكون سميت حروفا؛ لأنها
جهات للكلم ونواح كحروف الشيء وجهاته المحدقة به ومن هذا قيل فلان يقرأ بحرف أبي
عمرو وغيره من القراء؛ وذلك لأن الحرف حد ما بين القراءتين وجهته وناحيته؛ ويجوز
أيضا أن يكون قولهم حرف فلان يراد به حروفه التي يقرأ بها أي القارىء يؤيدها
بأعيانها من غير زيادة ولا نقص فيها فيكون الحرف في هذا وهو واحد واقعا موقع الحروف
وهي جماعة كقوله تعالى (والملك على
أرجائها) [2] أي والملائكة " [3].
ويضيف
في موضع آخر: "ومن هذا سمى أهل
العربية أدوات المعاني حروفا نحو من وقد وفي وهل وبل وذلك لأنها تأتي في أوائل
الكلام وأواخره في غالب الأمر فصارت كالحروف والحدود له. "[4]
ويعيب
ابن جني على من تغيب عنهم الحقيقة اللغوية في استحضار الدلالة الاصطلاحية فيقول:
"فهذا كله يشهد لمعنى الحرف وهذه الطريق من الاشتقاق إنما يحذق حقيقتها من
كان سَبْطا [5] مُرتاضا [6] لا كزَّا [7]
ريِّضا [8] "[9]
بقي
أن نشير إلى مصطلح آخر يطلق على حروف المعاني وهو الأدوات وفي ذلك يقول مهدي
المخزومي: " وكان البصريون يسمونها حروف المعاني، لأن كل واحد منها يفيد معنى
من المعاني، كالاستفهام والابتداء ، والاستعلاء ، والمجاوزة والاستدراك وغيرها.
وكان الكوفيون يسمونها أدوات، لأنها أصبحت رموزا مجردة، لا تدل على معنى مستقل،
بحيث يمكن التعبير عنه، أو ترجمته، ولا يظهر معناها إلا إذا اتخذت لنفسها مكانا
معينا في الجملة. "[10]
ولكن تعبير (الأدوات) لم يلق رواجا عند قدامى النحاة، و
ظلت تسمية ( حروف المعاني ) هي الأكثر شيوعا" [11]
[1] - الإيضاح في علل
النحو، ص 44
[2] - الحاقة، الآية
16
[3] - سر صناعة
الإعراب، ص 13
[4]- نفسه ، ص 15
[5]- رجل سبط : سمح
كريم ويريد به هنا : سعة العلم
[6]- تمت رياضته
[7]-الكز : اليابس
وهو كناية عن قلة العلم وسوء الفهم
[8]-الريض : البادئ
في الرياضة
[9]- سر صناعة
الإعراب، ص 17
[10] - مهدي المخزومي،
مدرسة الكوفة ، ص 207
[11]-
محمد حسن الشريف مقدمة معجم حروف المعاني في القرآن الكريم ص ''ق''
نظرية العامل، النشأة والمفهوم
1. 1- نشأة نظرية
العامل
نظر العلماء في اللغة العربية، فوجدوا
فيها خصائص مشتركة تسير على نهج مضبوط وخاص،
"فنبه ذلك أذهانهم إلى وضع قواعد عامة يلمون فيها بهذه الخصائص..
واستغلوا فكرة أن كل حدث لا بد له من محدث، وكل أثر لا بد له من مؤثر، فطبقوها على
الكلمات وضبطها في شتى أوضاعها، وبحثوا عن شيء بعينه لينسبوا إليه أحداث هذه
الظواهر الإعرابية، وهذا الشيء هو ما أسموه العامل، فأثبتوا له الوجود، ووضعوا له
أحكاما وقواعد " ([1])
وكان
أول من انطلق في تخطيطه للعامل والأبواب النحوية إمام العربية سيبويه(180ه)، وذلك
من خلال الباب الثاني الذي سماه " هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية
"([2]) وجمع فيه بين
الإعراب والعامل الذي لا ينفك أحدهما عن الآخر، وإنما يعملان في تلازم مستمر، فجاء
عبقري اللغة بنظرية كاملة غير ناقصة. ولا ينبغي أن ننسى أن تلقيه أسس هذا العمل
كان على يد أئمة النحو الذين سبقوه، وعلى رأسهم أستاذه الخليل بن أحمد
الفراهيدي(170ه). فهذه النظرية، وإن نسبت لسيبويه، فهي وليدة فكر جماعي استقرأ
كلام العرب استقراء فذا وعبقريا.
ويعد
ابن مضاء القرطبي(592هـ) أول من انتقد هذه النظرية في كتابه "الرد على
النحاة"؛ حيث قال: " قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني
النحوي عنه، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه، فمن ذلك ادعاؤهم أن النصب،
والخفض، والجزم، لا يكون إلا لعامل لفظي، وأن الرفع منه ما يكون بعامل لفظي وبعامل
معنوي، وعبروا عن ذلك بعبارات، توهم في قولنا "ضرب زيد عمرا" أن الرفع
الذي في "زيد" والنصب الذي في "عمرو" إنما أحدثه "ضرب"
.. فظاهر هذا أن العامل أحدث الإعراب، وذلك بَيِّن الفساد. "([3])
وقد أثار هذا الرأي بما فيه من جرأة كبيرة جدالا
واسعا بين الدارسين في عصرنا، الذين
أقبلوا على كتاب "الرد على النحاة
" عند ظهوره محققا ([4])، ومما فُسِّر به ذلك الإقبال، قول أحدهم:
" لا نجد تفسيرا مقنعا لإقبال المعاصرين لنا على كتاب ابن مضاء إلا أنه صدر
كتابه بعبارته: "قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه، وأنبه على ما
أجمعوا على الخطأ فيه " وكان أمر النحو يشغل العلماء،
والمثقفين، ورجال التربية في هذه الفترة، ومن هنا أقبلوا عليه يدرسونه، ولعلهم قد وجدوا فيه ما وجدنا، وأدركوا أن ابن مضاء قد
أثار الظمأ فيهم دون أن يرويهم ؟ "([5])
ويمكن ملاحظة اتجاهين بارزين في تدارس
هذه النظرية:
1- اتجاه يدعو إلى إبقاء العامل،
ويؤكد أهميته ودوره في الإعراب. ([6])
2- واتجاه يدعو إلى إلغاء العامل
ويرفضه، مُبديا الآثار السيئة التي جلبها، والمشكلات التي ترتبت على القول به.([7])
وينقسم
الدارسون في هذا الاتجاه الأخير إلى فريقين:
الأول:
اكتفى بالدعوة إلى هدم نظرية العامل دون تقديم بديل.
والثاني:
قدّم نظريات بديلة عن القول بالعامل، ورأى أنها أنسب من القول به.([8])
وكان أغلب الرافضين للنظرية "
متأثرا بعاملين أساسيين:
- أحدهما: هو التأثر بآراء ابن مضاء
القرطبي في كتابه "الرد على النحاة".
- أما العامل الآخر فهو التأثر
بمبادئ المدرسة الوصفية اللغوية التي دعت إلى ملاحظة ظاهر اللغة المدروسة، وقَصَرت
دور عالم اللغة الوصفي على الملاحظة، والوصف، والتسجيل، ولهذا نجد هذه المدرسة
تستبعد العامل وما يتعلق به من أصول، ومفاهيم، وأحكام، وقواعد."
([9])
ويؤكد
قباوة تأثير النزعة الوصفية على الرافضين لفكرة العامل، فيقول:" كان أن تسنى
لبعض أبناء العروبة أن درسوا علم اللغة في أوربا منذ عشرات السنوات، وعاصروا أوج
الاتجاه الوصفي هناك، فصاحبوه وتشبعوا به، ونقلوه إلى طلابهم في الوطن العربي،
وطاب للجميع أن يسقطوه على اللغة العربية، ويفسروا به ظواهرها، وقوانينها،
وتاريخها، والأشكال، والأنماط، والتراكيب، والدلالات، وفي خلال ذلك عرضوا بالبحث
والدراسة للعمل الإعرابي، فرأوا أن فكرة العامل في الدرس النحوي خرافة يجب
استبعادها من مجال البحث؛ ليكون للإعراب تفسير صادر عن اجتماعية اللغة"
([10])
وقد
أنكر أصحاب المنهج التحويلي على الوصفيين رفضهم القول بالعوامل والعلل والتقدير،
يقول عبد القادر الفاسي الفهري: " فتمّام حسان -مثلا، شأنه شأن الوصفيين-
يرفض العلة ونظرية العامل والإعــــــــــــــــــــراب التقديري، وعددا من الأصول
والمفاهيم الموجودة في التراث." ([11])
ويرى
أحد الباحثين أن ثمة تراجعا حدث في مواقف
العديد من الوصفيين تجاه نظرية النحو، يقول: "وعندما وصلت آثار النظرية التوليدية
التحويلية إلى بعض المحدثين، حصل ما يشبه الانقلاب، فالدكتور تمام حسان الذي كان
يقول سنة 1959م " نرجو أن نكون قد بينا فساد العامل في النحو؛ بل فساد
التعــــــــــــــليل الذي هو أصل النحو "في كتابه (اللغة العربية بين
المعيارية والوصفية)، عــــــــاد عن شيء من رأيـــــــــــه سنة 1978م، وقال:
" يبدو أن النموذج التحويلي يمكن أن يطبق على اللغة العربية، ويمكن للغة
العربية أن يعاد وصفها ألسنيا" وهذا في مقالة له بعنوان (إعادة وصف اللغة العربية ألسنيا )، وذهب في سنة 1984 م، إلى أبعد من ذلك، فقال:
" من مظاهر الطاقة التفسيرية في النحو العربي ظاهرة التعليل لأحكام النحو
وأقيسته، في مقالته ( اللغة العربية والحداثة)." ([12])
هذا
موجز عن بدايات القول بنظرية العامل، والثورة التي رافقتها، ولا تزال. ولم نشأ
التوسع في بيانها؛ إذ إن ثورة ابن مضاء مما استفاض ذكره في كتب النحو ومطولاته،
وكتبت حولها دراسات كثيرة. ثم إن موقف بعض
المدارس اللسانية أصبح معلوما؛ حيث وقفت المدرسة الوصفية موقف الرافض لفكرة
العامل، في حين أنصفت المدرسة التحويلية النظرية بأُخَرَة على يد منظرها تشومسكي،
الذي يقول بالربط العاملي، ويعده أساسا لفهم نظام التركيب وتفسيره، وهذا أيضا، مما
قد حفلت به الدراسات الحديثة" ([13])
([1]) عبده (عبد
العزيز )، المعنى والإعراب عند النحويين ونظرية العامل، منشورات الكتاب، طرابلس،
ليبيا، ط1،
1391ه/1982م،
ص: 708
([2]) سيبويه (أبو
بشر)، الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي القاهرة ، ط3، 1408
ه/1988م،
ج1، ص: 12
([3]) ابن مضاء (أحمد
القرطبي) الرد على النحاة، تحقيق: محمد البنا، دار الاعتصام، القاهرة، ط1،
1399ه/1979م، ص: 69
([4]) أول من حققه
وأخرجه من بين المخطوطات: شوقي ضيف
([5]) محمد إبراهيم
البنا، مقدمة تحقيق الرد على النحاة، ص 46
([6]) من هؤلاء
المؤيدين لنظرية العامل من المحدثين: عبده الراجحي (النحو العربي والدرس الحديث )،
والحلواني (أصول النحو)، وعلي نجدي ناصف ( من قضايا النحو اللغة )، وداود عبده (
أبحاث في اللغة العربية )، وطاهر حمودة سليمان ( ظاهرة الحذف في الدرس اللغوي )
([7]) من الرافضين
للعامل من المعاصرين: إبراهيم مصطفى ( إحياء النحو )، وشوقي ضيف (مقدمة الرد على
النحاة )، ومحمد عيد (أصول النحو )، وإبراهيم أنيس ( أسرار العربية)، ومهدي
المخزومي ( في النحو العربي قواعد وتطبيق )، وفؤاد حنا ترزي ( في أصول اللغة
والنحو )، وأنيس فريحة (نحو عربية ميسرة
)، وإبراهيم السامرائي ( النحو العربي نقد وبناء )، وصلاح الدين مصطفى ( النحو الوصفي ) ..
([8]) من أبرز هؤلاء
تمام حسان ( اللغة العربية معناها ومبناها)، وسناء البياتي (قواعد النحو في ضوء
نظرية النظم).
([9]) بسندي(خالد)،
نظرية القرائن في التحليل اللغوي، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، المجلد 4،
العدد 2،
2007م،
ص: 299
([10]) قباوة (فخر
الدين)، مشكلة العامل النحوي ونظرية الاقتضاء، دار الفكر المعاصر، القاهرة، 2002م،
ص: 108
([11]) الفهري (عبد
القادر الفاسي)، اللسانيات واللغة العربية، نماذج تركيبية ودلالية، دار توبقال
للنشر، الدار البيضاء،
المغرب،.ط3،
1993م، ص 58
([12]) الملخ ( حسن
خميس)، نظرية التعليل في النحو العربي بين القدماء والمحدثين، دار الشروق للنشر
والتوزيع،
عمان،
الأردن، ط1، 2000م، ص: 227
([13])
انظر للتوسع: نظرية العامل في النحو العربي دراسة تأصيلية وتركيبية لمصطفى بن حمزة
، مشكلة العامل النحوي ونظرية الاقتضاء لفخر الدين قباوة، والمعنى والإعراب ونظرية
العامل لعبد العزيز عبده، ونظرية العامل في النحو العربي عرضا ونقدا لوليد عاطف
الأنصاري، ونظرية العامل في النحو العربي تقعيد وتطبيق لرياض الخوام، والعامل
النحوي بين مؤيديه و معارضيه لخليل عمايرة.
الإعراب والبناء في اللغة والاصطلاح
1. الإعراب والبناء في اللغة
والاصطلاح
البناء، في اللغة، نقيض الهدم، ويكون
باللبن والآجر وما شابههما من المواد من أجل الثبات والاستقرار.
والإعراب، في اللغة، معناه الإفصاح
والبيان؛ تقول: أعرب فلان عن حاجته إعرابا، وعَرَّب عنها تعريبا، بمعنى واحد، أي
أفصح عنها وأبانها.
أما في اصطلاح النحويين، فالبناء هو
"لزوم آخر الكلمة ضربا واحدا من السكون أو الحركة لا لشيء أحدث ذلك من
العوامل"(شرح المفصل: 3/80)
والإعراب، في الاصطلاح، هو "أثر
ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع"(شذور الذهب
في معرفة كلام العرب، لابن هشام). ونفهم من هذا التعريف شيئين اثنين على الأقل:
الأول أن المقصود بـ"الكلم" الكلمات المعربة فقط، وليس كل الكلمات،
والثاني أن الإعراب يعني تغيير العلامات(الإعرابية) في آخر الكلمات المعْربة تبعا
لتغير وظيفة هذه الكلمات في الكلام.
وبعبارة أخرى، فإن الكلمة المركبة في
كلام ما يكون لها معنيان، معنى وضعي(لغوي اصطلاحي)، ومعنى تركيبي(نحوي إعرابي)،
والمعنيان، في محصلة الدلالة والفهم، متلازمان متداخلان لا ينفك أحدهما عن الآخر،
ونوضح بالمثال التالي، وهو بيت للمتنبي:
لا يعجبن مضيما حسن بزته وهل تروق دفينا جودة الكفن
فهذا البيت، باصطلاح النحاة، كلام، لأنه
لفظ مركب يفيد فائدة تامة(يحسن السكوت عليها). ودلالة البيت لا تنفصل عن الصورة
التركيبية للمفردات، أي أن المعنى الذي نفهمه من كلام المتنبي إنما جاءنا من
الوظائف التي تؤديها الكلمات المعربة في التركيب؛ فـ"مضيما" منصوب على
المفعولية، و"حسن" مرفوع على الفاعلية، و"بزة" مجرور على
الإضافة، وهكذا سائر الكلمات المُعْربة.
والذي يميز بين المعاني التركيبية
للكلمات هو العلامات الإعرابية(الأصلية أو الفرعية)؛ فالفاعل يتميز بحركة الضمة
(وهي في الأصل فعل لساني/صوتي) أو ما ينوب عنها، ظاهرة أو مقدرة، والمفعول
بالفتحة، والمضاف بالكسرة، ....وهكذا مع سائر الوظائف الإعرابية(النحوية
التركيبية).
والإعراب،
من الناحية التطبيقية، يعني بيانَ وظائف المفردات والجمل في التركيب، وبيانَ علاقة
الكلمات بعضها ببعض، حسب ما تقتضيه أصول العربية وقواعد علم الإعراب.
أنواع الإعراب
1. أنواع الإعراب
للإعراب،
في الكلام، صور ثلاث: الأولى تكون فيها العلامة الإعرابية لفظا ظاهرا، مثل الضمة
في "زيد" من قولنا: جاء زيدٌ...والثانية تكون فيها العلامة الإعرابية
مقدّرة، أي منوية غير ظاهرة، وذلك إما لضرورة صوتية، وإما لطلب الخفة في النطق.
ومثاله الاسمُ المقصور، حيث تُقدّر العلامة الإعرابية في آخره بسبب التعذر،
والاسمُ المنقوص، حيث تُقدّر العلامة الإعرابية في آخره، في حالتي الرفع والجر،
بسبب الاستثقال، والاسمُ المضاف إلى ياء المتكلم، حيث تُقدّر العلامة الإعرابية
على ما قبل ياء المتكلم، ويكون المانع من ظهورها اشتغال محلها بحركة الكسرة
المناسبة لياء المتكلم. والصورة الثالثة من صور الإعراب الثلاثة، وهي التي يسميها
النحويون "الإعراب المحلي"، تكون في الأسماء التي لها وظيفة تركيبية في
الكلام(أي لها محل من الإعراب)، لكنها مبنية في شكلها الوضعي. وتتجلى هذه الصورة
الإعرابية في "الضمائر"، و"أسماء الشرط"، و"أسماء
الاستفهام"، و"أسماء الإشارة"، باستثناء بعض الحالات، و"أسماء
الموصول"، باستثناء بعض الحالات أيضا، و"بعض الظروف". نقول في
إعراب "هذا" من قولنا: هذا زيدٌ: الهاء حرف تنبيه، و"ذا" اسم
إشارة مبني على السكون(وهو شكل وضعي)، في محل رفع مبتدأ(وهو الوظيفة التي يؤديها
في التركيب).
البناء والإعراب في الأسماء والأفعال
1. البناء والإعراب في الأسماء
والأفعال
(الأسماء) كلها معربة، وإعرابها إما
لفظي، وإما تقديري، وإما محلي.
(الحروف) كلها مبنية، وكذلك (أسماء
الأفعال)، لا محل لها من الإعراب، أي لا تكون معمولة لعامل.
والأفعال على نوعين، مبنيةٌ وهي أفعال
الماضي والأمر، ومعربة، إلا في حالتين، وهي أفعال المضارع.
الإعراب بالعلامات الفرعية
علامات الإعراب الأصلية أربعة: الفتحة
نصبا، والضمة رفعا، والكسرة جرا، والسكون جزما. وهذه العلامات الأصلية إما أن تكون
ظاهرة، وإما أن تكون مقدرة.
وهناك، في العربية، حالات تنوب فيها
علامات أخرى عن العلامات الأصلية، سمّاها النحويون علاماتٍ فرعية، وتكون إما
بنيابة حرف عن حركة(الأسماء الخمسة، المثنى، جمع مذكر السالم)، وإما بنيابة حركة
عن حركة(جمع مؤنث السالم، الممنوع من الصرف)، وإما بإثبات حرف أو حذفه(الأفعال الخمسة،
جزم الفعل المضارع المعتل).
الأسماء الخمسة: وهي: أب، أخ، حم، فو،
وذو(بمعنى صاحب).وحكمها في الإعراب الرفع بالواو، والنصب بالألف، والجر بالياء.
ويشترط في إعرابها هذا الإعراب أن تكون مضافة لغير ياء المتكلم، وألا تكون
مكبَّرَة، ولا مصَغَّرَة.
المثنى: وهو ما دل على اثنين بزيادة ألف
ونون، في آخره، في حالة الرفع، وياء ونون، في حالتي النصب والجر. وحكمه في الإعراب
الرفع بالألف، والنصب والجر بالياء. ويُلْحق بإعراب المثنى كلمات مثل: اثنين
واثنتين(اثنان واثنتان في حالة الرفع)، وكلا وكلتا، شريطة أن يكونا مضافين للضمير.
أما إذا أضيفا إلى الظاهر، فإن إعرابهما يكون بالعلامات الأصلية مقدرة على الألف
في جميع الحالات.
جمع مذكر السالم: ما دل على أكثر من
اثنين بزيادة واو ونون، في آخره، في حالة الرفع، وياء ونون، في حالتي النصب والجر.
وحكمه في الإعراب الرفع بالواو، والنصب والجر بالياء. ويلحق بهذا الإعراب كلمات،
مثل: عشرون وبابه، وأولو، وعالمون، وعِلِّيون، وأرضون...
جمع مؤنث السالم: ما دل على أكثر من
اثنين بزيادة ألف وتاء في آخره. وحكمه في الإعراب النصبُ بالكسرة نيابة عن الفتحة.
أما في حالة الرفع والجر، فإنه يعرب بالعلامات الأصلية. ويُلحق بهذا الإعراب
كلمات، مثل: أولات، وعرفات...
الممنوع من الصرف: وحكمه في الإعراب
الجرُّ بالفتحة نيابة عن الكسرة. ويشترط في إعرابه هذا الإعراب ألا يُعرّف بأل،
وألا يكون مضافا، وإلا فإنه يعرب بالعلامات الأصلية. أما في حالة الرفع والنصب،
فإنه يكون معربا بالعلامات الأصلية.
الأفعال الخمسة: وهي كل فعل مضارع اتصلت
به ألف الاثنين (تكتبان، يكتبان)، أو واو الجماعة (تكتبون، يكتبون)، أو ياء
المخاطبة(تكتبين)، وعددها في جدول تصريف الفعل المضارع خمسة. وحكمها في الإعراب
الرفع بثبوت النون، والنصب والجزم بحذفها.
جزم الفعل المضارع المعتل: الفعل المضارع
المعتل ما كان آخره ألفا(يسعى)، أو واوا(يسمو)، أو ياء(يرمي). وإعرابه بالعلامات
الفرعية مقصور على حالة واحدة، وهي الجزم بحذف حرف العلة.