gtag('config', 'G-XZKFEH44Z5'); الصداقة أو في غبن ألا نهوي
أخر الاخبار

الصداقة أو في غبن ألا نهوي

 الصداقة أو في غبن ألا نهوي

أحب لحبك "الأحباش" طراً

واعشق لاسمك "البدر" المنيرا

                          ابن عربي


لن نبالغ في شيء إن قلنا  أن سعي الإنسان ، هذا السعي الذي لايني  إلى البحث عن الذات ، وكأنها ويا للعجب خارجه ، كان سعيا إلى البحث عن صديق، عن ذات أخرى ننفذ عبرها ، عن ما يجعلنا نعتقد أننا نحن ،وعن اكتمالنا ، ولسنا نذهب شأوا بعيدا ، ولسنا في ما قلناه غاوين يغشانا الغي ،رغم أنه يبدو ، وهذه حقيقة ، أضغات أحلام ما لها من تأويل ، وإن تجنى المفسر وافترى قال : غواية و نقص عاطفة و نفور من الوحدة والإعتزال.


إستعصاء الرفقة على الحقيقة ، لايعني استحالها ،كما لا ينعي فقدها . و المتوقف الجاحظ عينيه مرقبا و مترصدا هذه الثيمة في العمل الروائي ذو المسحة/النفحة الصوفية لإليف شافاق "قواعد العشق الأربعون" و نظيره "موت صغير" لمحمد حسن علوان ، سيبهره حد الدهشة، نموذج الصداقة بين شمس التبريزي و مولانا جلال الدين الرومي في العمل الأول ،ثم الرفقة بين الشيخ الأكبر  محيي الدين بن عربي  وبدر الحبشي .


وإن ما جعلنا نقف على هذا الموضوع، هو غير الدهشة من مجانية الصداقة، إذ أنه -ومازال في ذلك شك - مساءلة لوجودها، لأبعادها، لحدودها ، عن ما جعلها ضرورة و في نفس الوقت سقط متاع ، عن ما جعلها سهلة يسوقها القدر إلينا ويقتادها إقتيادا ، وفي نفس اللحظة  يقودها في غير الطريق و غير الهدف ، هل هي جمع بين طبائع مختلفة ،أم بين أمزجة/ذهنيات متألفة ، متضافرة جهودها؟


قد نكون صادرنا عن مطلوبنا منذ البداية - دون وعي منا- حينما  قررنا الطابع الجدلي لهذه الموضوعة ،لكن هل كتبنا كل هذه الكلمات لنقول أخيرا -ببرودة- أن الموضوع غير محسوم وأن الأمر متروك إلا ما ترك له . هل كانت خديعة للقارئ بتقديم أسلوب منمق و مضمون غير مضنون به ، بل هو فارغ أصلا و منبعا ، مبتدأ و خبرا ، قد يكون الجواب نعم ؛ غير أن ما يهمنا هو التأكيد على شأن واحد قد يبدو بعيدا عن كل ما خضنا فيه قبلا ، هو أن ما يخشى في الصداقة ليس غيابها ولكن استأمنها و استبقاء وهم ألا نهوي أبدا ، ألا نخان من الأقربين فنصبح كتبا مفتوحا نقرأ من كل ثقب و زاوية .


هل أكدنا قبلا أن الصداقة هي حصرا للأحياء من الناس ،حتما لا ؛ لذا فهي كما نرى للأموات و الكتب و الحيونات والأمكان و الأزمنة وللعاملين عليها ،وهي أمانة لا يلقها -مع البشر الأحياء -إلا ذو حظ عظيم.


لكن لماذا  يقبل دوما الأموات والكتب صداقتنا ، ألأنها تبغي الحياة /إستنأف الحياة ؟ ألأنها تتحسر على ضياع الصداقات  وحصرها،وصارت بعد ذلك تقبلها كلها ؟ لماذا لا يرفض الأموت صداقة الخبثاء منا ؟ 

هي أشياء حتما لا نعرفها ، لأن  الحال هي غير الحال، والقوانين هي غير القوانين ورب الدار عليم.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-