السلام عليكم اخواني طلبة كلية الأداب والعلوم الانسانية اليكم الدروس المتعلقة بمادة مدخل إلى الأدب العربي للفصل الاول شعبة الدراسات العربية.
مدخل إلى الأدب العربي
مصادر الشعر:
المعلقات
الدواوين
المفردة
دواوين القبائل
دواوين أشهر
شعراء العربية بعد العصر الجاهلي على التوالي.
المجاميع
والمختارات الشعرية: أهميتها وطرق ترتيبها
مصادر
النثر:
الخطب ومجاميعها
الرسائل
ودواوينها
السرود
التآليف العامة
والخاصة
أمهات التآليف
العامة: البيان والتبيين، عيون الأخبار، الأمالي- أمالي القالي، العقد الفريد.
من جهة
مصادر الدراسة:
التراجم
الأدبية: الأغاني، اليتيمة، الدمية، الخريدة، الذخيرة
النقد الأدبي
خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين
الشروح: الشروح
اللغوية: شروح المعلقات – شروح الشعر العربي: من خلال ديوان أبي تمام وديوان
المتنبي وشعر المعري – شروح النثر العربي: من خلال مقامات الهمداني ومقامات
الحريري ونثر المعري من خلال بعض رسائله كرسالة الغفران وغيرها من النصوص النثرية
المعقدة.
علوم العربية:
النحو والصرف والبلاغة والعروض
من جهة المراجع
المساعدة الأساسية:
المعاجم
اللغوية: معاجم الألفاظ ومعاجم المعاني.
التاريخ العام
والخاص والسير
الأعلام
والوفيات: معجم الأدباء ووفيات الأعيان والوافي بالوفيات
معاجم البلدان
والخطط
من جهة المراجع
التكميلية المساعدة:
دوائر المعارف
– الكشافات – الفهارس والبيبليوغرافيا
مبحث
المعلقات:
المعلقات وأهميتها:
المعلقات قصائد
طوال مختارات من جيد الشعر الجاهلي، وأصحابها أشهر شعراء الجاهلية، بل شعراء
العربية على الإطلاق. والدليل على ذلك أن الطالب في الوطن العربي، أول ما يدرسه في
شعب الآداب واللغة العربية بالجامعة يكون من شعر تلك المرحلة التي تنعت ب ”
الجاهلية” أو بمرحلة ” ماقبل الإسلام، ومن شعر المعلقات على وجه الخصوص. وقد
اعتبرت المعلقات،ومنذ وقت مبكرمن تاريخ التأليف العربي، أساسا لكل مقايسة أدبية،
ونواة لكل تنظير لغوي أو أدبي أو نقدي. فهي قاعدة الأدب العربي القديم الذي يمتد
إلى نهاية العصر الأموي، قبل ظهور الشعراء والأدباء المحدثين. فالأدب القديم هو المرجع
الأول الذي تُستمد منه الشواهد، وهو الأصل الثابت للاحتجاج على أمور اللغة العربية
وقضاياها المختلفة، بعد القرآن الكريم.
وزاد هذه
القصائد شهرة ما أثير حولها من خبر التعليق، وخاصة عندما جمعها حماد الراوية، وصرف
مزيدا من الأنظار والعناية إليها، وظل اهتمام الناس بها، منذ العصر الأموي، يتجدد
مرحلة بعد مرحلة حتى توفرت لها شروح كثيرة تضمنت فوائد لغوية وأدبية لا غنى
للباحثين عنها. يقول ياقوت الحموي ت 626هج عن أبي جعفر النحاس: ” إن حماد الراوية
هو الذي جمع السبع الطوال”. أما البغدادي ت 1093هج فيحدد الزمن الذي جُمعت فيه
المعلقات وهو زمن بني أمية، يقول:” ورُوي أن بعض أمراء بني أمية أمر من اختار له
سبعة أشعار فسماها المعلقات.” ج1_ ص127 .
المعلقات وأصحابها:
لم يتفق
القدماء والمحدثون تماما في طبيعة نظرتهم إلى المعلقات، بالنسبة لأصحابها،
وبالنسبة لعددها وبالنسبة للظروف والملابسات التي أحاطت بها. فالقصائد التي لا
يشوبها الخلاف خمسة، وأصحابها خمسة أيضا، وهم: امرؤ القيس وطرفة وزهير ولبيد وعمرو
بن كلثوم. أما المعلقتان السادسة والسابعة فهما قصيدتا عنترة والحارث بن حلزة، في
أكثر الروايات، غير أن البعض وضع مكانهما قصيدتي النابغة والأعشى، وعلى رأسهم
المفضل الضبي ت178هج.
فهؤلاء الشعراء
جميعا وعددهم تسعة، كما ورد في شرح النحاس ت 338هج، قد أضيف إليهم عبيد بن الأبرص
فبلغ عدد المعلقات عشرة. وكان التبريزي ت 502 هج، هو من ألحق قصيدة عبيد بالمعلقات
عندما ذكرها في آخر القصائد العشر التي شرحها، قال في مقدمة شرحه: ” سألتني – أدام
الله توفيقك – أن ألخص لك شرح القصائد السبع مع القصيدتين اللتين أضافهما إليهما
أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي قصيدة النابغة الدالية وقصيدة الأعشى
اللامية، وقصيدة عبيد بن الأبرص البائية تمام العشر.”، وإن كان القرشي قد جعل
قصيدة عبيد الأبرص في “المجمهرات” التي ذكرها بعد السبع الطوال.
وهؤلاء العشرة
جميعا هم أشعر شعراء الجاهلية، الذين وقع عليهم الإجماع في نهاية المطاف، وهم
أصحاب المعلقات المشهورة. وقد وقع اختلاف حول الحارث بن حلزة، الذي اعتبره البعض
عنصرا مقحما على هذه الكوكبة المتقدمة من شعراء العربية، وإنما أضافه حماد الراوية
لاعتبارات قبلية، تخص صراع قبيلة ثغلب مع قبيلة بكر بن وائل، وليكون اسم الحارث،
من حيث التوزيع القبلي، معادلا لعمرو بن كلثوم الثغلبي صاحب المعلقة المشهورة.
وربما هذا الذي جوزلبعض المتأخرين إبدال الحارث بغيره أيضا.
والخلاصة، أن
القول المشهور يجعل عدد المعلقات سبعا، بإضافة معلقتي عنترة والحارث بن حلزة عل
الخمسة الأوئل، ثم أوصل البعض عددها إلى عشر بإضافة معلقات النابغة والأعشى وعبيد
بن الأبرص.
المعلقات وأسماؤها:
للمعلقات أسماء
أخرى متصلة مرتبطة بالعدد، نذكر منها: السبع، والسبع الطوال، والقصائد السبع
الطوال الجاهليات، والسبعيات، والقصائد العشر. وقد ذكر في شأن حماد الراوية أنه
أخذ اسم السبع الطوال من الحديث النبوي الشريف: ” أعطيت مكان التوراة السبع
الطوال”. ويروى عن عيسى بن عمرو، وهو شيخ الخليل وسيبويه، قوله في عمرو بن كلثوم:”
وإن واحدته لأجود سبعهم”.
وانفرد
الباقلاني ت 403هج في كتابه “إعجاز القرآن” باستخدام كلمة ” السبعيات”، قال في
معرض حديثه عن امرئ القيس:” ولما اختاروا قصيدته في السبعيات أضافوا إليها
أمثالها، وقرنوا بها نظائرها.”
أما اسم ”
السموط” وما يرتبط به ك ” السمط ” و”المسمطات” فيرجح البعض أن يكون أقدم الأسماء
التي تدل على المعلقات أو القصائد الطوال.والسمط يعني القلادة، ويبدو أنها تسمية
قائمة على المجاز. إذ المقصود من هذه الكلمة كل شئ نفيس ذي قيمة عالية مادية أو
معنوية.
أما بخصوص
التسميتين المشهورتين، أي المعلقات والمذهبات، فيذهب البعض إلى التشكيك فيهما حتى
تثبت قصة التعليق والتذهيب، إلا أن يكون المقصود من التعليق والتذهيب المعنى
المجازي المتضمن في كلمة السمط السابقة، ومن هنا نفهم سبب علوق هذه القصائد
بالقلوب أوتعلق الناس بها. ويذهب بعض المستشرقين كبلاشير إلى أن أمر التعليق وما
أثير حوله قصة مختلقة لإضفاء قيمة نوعية على هذه القصائد المختارة.
وكان ابن كلبي
ت 206هج أول من أثار قصة التعليق، روي عه أنه قال:” أول شعر علق في الجاهلية شعر
امرئ القيس، علق على ركن من أركان الكعبة، أيام الموسم، حتى نظر إليه ثم أحدر،
فعلقت الشعراء ذلك بعده، وكان ذلك فخرا للعرب في الجاهلية”.
وقيل عن معلقة
عنترة، وهي أجود شعره، أنها كانت تسمى ب “المذهبة”. قال البغدادي معلقا على بيتين
ذكرهما من شعر عنترة:” وهذان البيتان من معلقة عنترة، وهي من أجود شعره، وكانت
العرب تسميها المذهبة، بصيغة اسم المفعول من الإذهاب أو التذهيب، وهما بمعنى
التمويه والتطلية بالذهب”.
ومن الذين
تابعوا ابن الكلبي ووافقوه الرأي بخصوص قصة التعليق غير البغدادي: ابن عبد ربه ت
327هج، وابن رشيق الذي نقل عبن ابن عبد ربه وابن خلدون ت 808هج، ومن المحدثين نجد
جرجي زيدان وأحمد حسن الزيات وحنا نمر ومحمد علي حمد الله وناصرالدين الأسد وغيرهم.
وقد استند كثير
من الدارسين المحدثين في أمر تعليق الشعر على الكعبة إلى خبر تعليق قريش الصحيفة
في مقاطعة بني هاشم، وتعليق الخليفة العباسي هارون الرشيد عهده بالخلافة لابنيه
الأمين والمأمون.
أماالمنكرون
لخبر التعليق فنذكر على رأسهم أبا جعفر النحاس ت 338 هـ، وابن الأنباري ت 328هـ
وجمهور المستشرقين…
أما الذين
سكتوا عن خبر التعليق فيأتي على رأسهم حماد الراوية (أبو القاسم حماد بن أبي ليلي
بن المبارك بن عبيد الديلمي الكوفي) ت 165هـ الذي كان أول من جمع المعلقات أو
القصائد السبع الطوال وأذاعها بين الناس، وكذلك الأمر بالنسبة لمعاصره خلف الأحمر
أبو (محرز خلف بن حيان) ت 180هج، وهو من أعلم الناس وأكثرهم خبرة بالشعر العربي
القديم، وكذلك الأمر بالنسبة لابن سلام ت 231هج والجاحظ ت 255هج والمبرد ت 286هج،
ويسمي البعض
شعراء المعلقات أصحاب الواحدة، كقول ابن سلام (محمد بن سلام بن عبد الله بن سالم
الجمحي أبو عبد الله البصري) ت 231هج عن طرفة:” فأما طرفة فأشعر الناس واحدة”ويقصد
بهذا القول معلقته. ويقول عن عنترة، وعن قصيدته يادار عبلة: ” وله شعر كثير إلان
أن هذه نادرة، فألحقوها مع أصحاب الواحدة.”
وقد يسميهم
البعض الأخر أصحاب الطويلة أيضا، كقول ابن قتيبة عن طرفة: ” وهو أجودهم طويلة”،
يقصد معلقته أيضا. وسمى ابن الأنباري ت 328هج هذه القصائد عند شرحها ب ” القصائد
السبع الطوال الجاهليات” محددا لعددها ومقدرا لحجمها ومبينا لزمنها. وروى محمد بن
أبي الخطاب القرشي صاحب الجمهرة عن المفضل الضبي قوله: ” وهؤلاء أصحاب السبع
الطوال التي تسميها العرب السموط،فمن قال إن السبع لغيرهم فقد خالف ما أجمع عليه
أهل العلم والمعرفة”، وإن كان القرشي قد جعل المذهبات لسبعة من الشعراء الآخرين
غير أصحاب المعلقات، لأنه ابتكر طريقة خاصة به في الترتيب والاختيار.
المعلقات وأهم مصادرها المطبوعة:
شرح القصائد
التسع المشهورات: صنعة أبي جعفر أحمد بن محمد النحاس ت338هج، تحقيق أحمد خطاب، طبع
في قسمين، وصدر عن دار الحرية للطباعة، بغداد 1973م.
شرح القصائد
السبع الطوال الجاهليات، لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري ت 328هج، تحقيق وتعليق
عبد السلام محمد هارون، دار المعارف مصر، ط5.
شرح المعلقات
السبع، للقاضي أبي عبد الله الحسي بن أحمد الزوزني ت 486هج، تقديم عبد الرحمان
المصطاوي، دار المعرفة لبنان.
شرح القصائد
العشر للإمام الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي ت 502هج، إدارة الطباعة
المنيرية، مصر.
المعلقات العشر
وأخبار قائليها، جمعه وصححه أحمد بن الأمين الشنقيطي ط3، مطبعة الخانجي، القاهرة
فتح كبير
المتعال في إعراب المعلقات العشر الطوال، تأليف الشيخ محمد علي طه الدرة، مكتبة
السوادي، جدة، 1989م
معجم لغة
دواوين شعراء المعلقات العشر، تأصيلا ودلالة، الدكتورة ندى عبد الرحمان يوسف
الشايع، مكتبة لبنان، بيروت، ط1 1993م.
دواوين ومجاميع الشعر العربي القديم:
مدخل نظري: رواية الشعر العربي من الشفاهية إلى الكتابة والتدوين:
استأثرت مرحلة
ما قبل الإسلام بكل الخصائص السمعية للشعر، إنشادا وتداولا فقد كان الشعراء الكبار
المعروفون في القبائل العربية يروون شعرهم لمن يلازمونهم من الشعراء الشبان ذوي
القرابة العائلية قبل غيرهم. ونحن اليوم تنقصنا خبرات كثيرة في التعامل مع هذه
الصورة السمعية لتباعد العهد، ولاختلاف طبيعة نظرتنا المعاصرة إلى هذا الشعر الذي
يقدم إلينا من زمن بعيد. وهذه الخبرة كانت تتوفر للقدامى، وخاصة لأصحاب العلم
بالشعر وبصناعته.
ففي العصر
الأموي ظهر تطور جديد في رواية الشعر العربي حيث نشأت طبقة جديدة من العلماء يطلق
عليهم اسم “العلماء الرواة”، أخذوا على عاتقهم مهمة رواية الشعر العربي القديم من
الشعراء أنفسهم ومن الحفاظ في البادية، يتصلون بهم اتصالا مباشرا ويأخذون عنهم
بطرق المناولة المتاحة في عصرهم. وكان أول الشيوخ الرواة الذين مهدوا لهذا الطريق
أبو عمرو بن العلاء ت 154هج وحماد الراوية ت 156هج ومن كان على شاكلتهما في
الرواية والرحلة والتحمل. قال محمد بن سلام ت 231هج في شأن حماد: “وكان أول من جمع
أشعار العرب وساق أحاديثها حماد الراوية”.
وأخذ عن هذين
العالمين جيل ثان من الرواة، وأبرزهم خلف الأحمر أبو محرز خلف بن حيان ت 180هح،
والمفضل الضبي محمد بن يعلى بن عامر بن سالم ت 178هج، والأصمعي عبد الملك بن قريب
الباهلي ت 216هج، ومحمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي ت 245 هج، وأبو حاتم سهل
بن محمد بن عثمان السجستاني البصري ت 248هج أو هج255.
ثم أخذ عن
هؤلاء حميعا جيل ثالث من الرواة المتبحرين في علوم العربية كالسكري أبي سعيد الحسن
بن الحسين بن عبد الله الأزدي المهلبي المعروف بالسكري النحوي ت275 هج، وثعلب أبو
العباس أحمد بن يحيى ت 291 هج، ومن كان على شاكلتهما.
وقد اختلف جميع
هؤلاء الرواة في مناهجهم، وفيما يخص طرق الأخذ والمناولة، ولم يكتفوا بالسماع
والحفظ، بل كان منهم من يدون ويصنع ويؤلف في فنون وفروع لغوية وأدبية شتى. وكان
أبو عمرو الشيباني إسحاق بن مرار ت 213هج، 220هج من أسبقهم، فقد كان يخرج إلى
بوادي العرب، ومعه الورق، فيدون ما يسمعه. وروي عن عمر بن أبي عمرو أنه قال: “لما
جمع أبي أشعار العرب كانت نيفا وثمانين قبيلة، فكان كلما عمل منها قبيلة وأخرجها
إلى الناس كتب مصحفا وجعله في مسجد الكوفة، حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا بخطه”.
وكان الشيباني قد قرأ دواوين الشعر العربي على المفضل الضبي، وقال عنه ثعلب: ” كان
عند أبي عمرو الشيباني ما يحتاج إليه وما لا يحتاج إليه لكثرة ما طلب وجمع”.
وكانت غاية
الرعيل الأول من الرواة الجمع والإكثار من رواية الشعر، دون اهتمام كبير بالشرح أو
التفسير، لشدة الحاجة إلى الشعر القديم لأجل القرآن الكريم، ولغرض تدوين اللغة
وضبط قواعدها بالشاهد، كما كان المؤدبون في حاجة إليه لأغراض تعليمية وتربوية. أما
شروح الشعر، بمعناها الاصطلاحي المخصوص، فلم تعرف إلا في القرن الهجري الرابع،
ولأن الشروح التي سبقت القرن الرابع لم تكن تتجاوز تفسير الغريب، وتمحيص الروايات،
وضبط بعض قواعد الإعراب والعروض، مثلما نجد في شرح ثعلب لديوان زهير وشرح السكري
لديوان كعب بن زهير، وشرح أبي عبيدة معمر بن المثنى ت 203هج للنقائض، وغيرهم.
وعلى العموم
فقد تبوأت رواية الشعر العربي مكانتها الكبيرة مع نهاية العصر الأموي وبداية العصر
العباسي، وكان العلماء في هذه الفترة يرحلون إلى القبائل العربية الصميمة كقيس
وتميم وهذيل وكنانة وطيء لأجل ذلك، أما القبائل المجاورة للحضر فلم يأخذوا عنها
سواء تلك المجاورة للفرس أو الروم في الشمال أو تلك التي خالطت تجار اليمن في
الجنوب. وقد ذكر أبو عمرو الشيباني في كتابه “الجيم” القبائل التي أخذ عنها،
(تحقيق إبراهيم الأبياري ومحمد خلف الله، القاهرة 1974(
الشعر العربي القديم بين الخلط والاضطراب والضياع:
طبيعي جدا أن
يتعرض الشعر العربي القديم في رحلته من الشفاهية إلى الكتابة والتدوين إلى الضياع
وإلى بعض الخلط والاضطراب. وقد نبه القدماء أنفسهم، على سبيل المثال، إلى اختلاط
شعر الشماخ بن ضرار، (ديوانه بتحقيق صلاح الدين الهادي، دار المعارف مصر، 505ص)،
بشعر أخويه مزرد وجزء، وكانا شاعرين أيضا، كما اختلط شعره بشعر الحطيئة، بل وحتى
بشعر الطرماح بن حكيم، وهو من شعراء الخوارج في العصر الأموي، وكذلك الأمر بالنسبة
لأبي قيس صيفي بن الأسلت الأوسي. (ديوانه، دراسة وجمع وتحقيق د حسن محمد باجوده،
مكتبة دار التراث القاهرة، 109ص. (
وهناك وسيلتان
لتمييز صحيح الشعر من زائفه:
– معرفة
الفترة التي انتهت عندها حياة الشعراء، وفي ضوء هذه المعرفة تُقبل أشعار وتُرفض
أخرى.
– الانطلاق
من نص شعري أولي يُطمأن إلى صحة نسبته لشاعر معين، ثم يقاس عليه الباقي: فقد اتخذت
قصيدة ابن الأسلت الأوسي المشار إليه آنفا والتي مطلعها:
قالت ولم تقصد
لقيل الخنا مهلا فقد أبلغت أسماعي
قاعدة تقاس
عليها بقية قصائده، لأنها قصيدة كاملة، ولأنها وردت في المفضليات، المفضلية رقم
75، وللمفضليات منزلة من حيث صحة ما تتضمنه من شعر، ثم لورود هذه القصيدة في أكثر
من عشرين مصدرا غير المفضليات.
صناعة الشعر العربي القديم في صدارة علوم العربية.
صنعت دواوين
كثيرة من الشعر القديم لشعراء مقلين ومكثرين، وجمعت أشعار شعراء آخرين بشكل فردي
أو جماعي، بعد أن كانت متفرقة، خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين، ثم توالت
عليها الأيدي بالشرح والنقل والاستنساخ ردحا طويلا من الزمن، إلى أن تداركها
الباحثون المعاصرون عربا ومستشرقين بالتحقيق والدراسة المُسهبة بعد أن جمعت نسخه
المخطوطة من مكتبات وخزائن العالم.
وقد عرف بصناعة
الشعر العربي القديم وروايته وشرحه جماعة من العلماء نذكر منهم على سبيل التمثيل
لا الحصر:
– ابن
السكيت، وهو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكيت ت 244هج، والسكيت لقب
أبيه. وكان قد روى عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي عمرو الشيباني وابن الأعرابي
وغيرهم. قال عنه أبو العباس ثعلب: “أجمع أصحابنا أنه لم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم
باللغة من ابن السكيت”.
أما الذين عمل
ابن السكيت شعرَهم، حسب رواية ابن النديم، فهم: أبو النجم العجلي وأبو نواس وأعشى
باهلة والأعشى الكبير وبشر بن أبي خازم وتميم بن أبي مقبل وجرير والحطيئة وحميد
الأرقط وحميد بن ثور الرياحي والخنساء وزهير وسحيم بن وثيل العاملي وطرفة والعباس
بن مرداس وعروة بن الورد والكميت ولبيد ومهلهل والنابغة الجعدي.
– أبو
سعيد السكري، وهو أبو الحسن بن الحسين بن عبد الله بن عبد الرحمان، المعروف
بالسكري ،ت 275هج، وكان، كما قيل عنه : “راوية البصريين”، “مرغوبا في خطه لصحته”.
وقد جمع السكري
لوحده أشعار مجموعة كبيرة من الشعراء “الجاهليين” والإسلاميين نذكر منهم: امرأ
القيس والنابغة الذبياي والنابغة الجعدي وقيس بن الخطيم، وزهير والحطيئة ولبيد
وجران العود وتميم بن مقبل ودريد بن الصمة وهدبة بن الخشرم والأعشى ومزاحم العكلي
والأخطل وأشعار اللصوص، وديوان الهذليين.
ومما طبع له
دواوين كل من الحطيئة وجران العود وزهير وكعب والهذليين وأشعار اللصوص، قال عنه
ابن النديم: ” وله صنعة في الأشعار والقبائل”.
– أما
الأصمعي، فقد “تواطأ الناس على روايته واعتادوا عليها واتفقوا على تفضيلها”، كما
قال الأعلم الشنتمري الذي اعتبر الشعر القديم كله شعرا واحدا لتشابهه وتألفه
وتجانسه، وكأنه قصيدة واحدة صدرت عن شاعر واحد لا عن شعراء متعددين مختلفين في
الزمان والمكان وفي كل الظروف المحيطة بهم.
دعائم الشعر العربي القديم وخصائصه الجوهرية:
بعد أن استقر
الشعر العربي على هيأته المعروفة أمكن رسم صورة مجملة لهذا الشعر، بعيدا عن نواقص
التعميم والإسقاط. ويمكن الوقوف على هذه الصورة من خلال الظواهر الغالبة التالية:
الرواية وظاهرة الانتحال:
وخلاصتها أنه
لا يمكن أن نرفض كل الشعر العربي القديم و” الجاهلي” منه خاصة، بحجة الوضع والنحل،
كما ذهب إلى ذلك مرجليوث وطه حسين على سبيل المثال. فلو سايرناهما وافترضنا أنه لم
يوجد شعر في مرحلة ما قبل الإسلام على الإطلاق، أو أنه قد ضاع كلية مع ظهور الإسلام
وانشغال المسلمين بالدعوة والحروب والغزوات، فمن أين جاء علماء اللغة الناحلون، في
عصر الرواية، بنموذج يستطيعون أن ينحلوا على منواله؟ وإذن فهم قد احتاجوا في البدء
إلى نموذج يعكس حياة البدو، وهو زمن لم بعد موجودا في عصرهم العباسي المتحضر، فما
الذي حملهم على هذا التكلف؟، كما أنه ليس من المعقول أن يكون علماء اللغة النحويون
والصرفيون والمعجميون والمفسرون للقرآن الكريم قد اختلقوا كل هذا الشعر القديم
بأكمله عمدا فقط لاستجلاب شواهدهم؟
تصنيف الشعر العربي القديم:
جرى كثير من
الدارسين المعاصرين على تصنيف الشعر العربي القديم تبعا لتصنيف الأشعار الأجنبية
القديمة وخاصة الأشعار اليونانية، بأنواعها الثلاثة المشهورة: الملحمية والدرامية
والغنائية.
وإذا كان النوع
الغنائي يرتب عادة، في الدرجة الثالثة من حيث القيمة والأهمية، فقد جرت العادة
أيضا عند كثير من الدارسين الغربيين و من تبعهم من العرب على إدراج الشعر العربي
ضمن هذه الفئة الثالثة، لغلبة ظاهرة الإنشاد على الشعر العربي ولارتباطه بالغناء،
وفي ذلك تنقيص ضمني من قيمة الشعر العربي، إذا ما قارناه بالملحمة والدراما
الشعر
العربي القديم والبداوة:
الشعر العربي
القديم بدوي في مجمل مكوناته، والتأثيرات الحضرية فيه ثانوية، ولذلك بقي هذا الشعر
أهم مصدر يصور لنا التفاصيل الدقيقة لحياة العرب القديمة، فثمة سحر جمالي لا يوصف
يحيط بهذا الشعر، وهو نفس السحر الذي يحيط بفضاء الصحراء بكل ما فيه من نقاء وحرية
وبساطة وعنف وصرامة وهدوء ورتابة.
ولذلك، فالمتعة
الجمالية التي تمنحها دراسة الشعر العربي القديم جديرة بالمجهود الكبير الذي يمكن
أن يبذله أي واحد منا: أساتذة وباحثين وطلبة، كما فعل القدماء رواة وصناعا وشراحا
ونقادا، من أجل الاحتفاظ بهذه الصورة النقية وبمخزونها اللغوي الذي لا ينضب.
الفرق بين القصيدة والمقطوعة:
فالأولى تقوم
على تعدد الموضوعات والثانية تقوم على أحادية الموضوع، وهناك سلسلة من التمهيدات
اللغوية والمعنوية يراعيها المقصد في انتقالاته الكبرى من المطلع إلى النهاية قد
لا يلتزم بها المقطع جملة وتفصيلا.
توافق أوزان
الشعر العربي مع نظريات الفراهيدي العروضية.
القاعدة
والاستثناء:
يمثل شعر
الصعاليك استثناء، ويقوم على خصائص شكلية ومضمونية تكاد تكون خاصة بهم، وخاصة لدى
الشاعرين: تأبط شرا والشنفرى. فهو شعر لا يقع تحت العرف الذي ينضوي تحته غالبية
الشعراء، وخاصة أصحاب القصيد.
ولعل هذا ما يفسر لنا سبب إدراج القدماء لشعر الصعاليك واللصوص في مجاميع خاصة.